فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالي في شرحه لجمل كبيرة من الأحاديث الواردة في
كتاب : (( رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين)) للإمام النووي ـ رحمه الله تعالي ـ :
“…قال تعالى : ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) [الضحى: 9 ، 10] .
( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) السائل : يظهر من سياق الآيات أنه سائل المال الذي يقول أعطني مالاً ، فلا تنهره لأنه قال : ( وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ) ، فلما أغناك لا تنهر السائل . تذكر حالك حينما كنت فقيراً ، فلا تنهر السائل .
ويحتمل أن يُراد بالسائل سائل المال وسائل العلم ، حتى الذي يسأل العلم لا تنهره . بل الذي يسأل العلم القه بانشراح صدر ؛ لأنه لولا أنه محتاج ولولا أن عنده خوف الله عز وجل ما جاء يسأل ، فلا تنهر اللهم إلا من تعنت فهذا لا حرج أن تنهره .
لو كنت تخبره ثم يقول لكل شيء : لماذا هذا حرام ؟ ولماذا هذا حلال ؟ لماذا حرم الله الربا وأحل البيع ؟ لماذا حرم الله الأم من الرضاع ؟ وأشياء كثيرة من قبيل هذا . فهذا الذي يتعنت انهره ولا حرج أن تغضب عليه .
كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام حين تشاجر رجل من الأنصار والزبير بن العوام ، في الوادي حيث يأتي السيل ، وكان الزبير رضي الله عنه حائطه قبل حائط الأنصاري فتنازعا ؛ الأنصاري يقول للزبير : لا تحبس الماء عني والزبير يقول : أنا أعلى فأنا أحق ، فتشاجرا وتخاصما عند الرسول عليه الصلاة والسلام ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسق يا زبير ثم أرسله إلى جارك )) ، وهذا حكم . فقال : أن كان ابن عمتك يا رسول الله ! كلمة لكن الغضب حمله عليها والعياذ بالله ، والزبير بن العوام بن صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول عليه الصلاة والسلام . قال : أن كان ابن عمتك يا رسول الله ، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : (( اسق يا زبير حتى يصل إلى الجدر ثم أرسله إلى جارك ))
فالحاصل أن السائل للعلم لا تنهره ، بل تلقه بصدر رحب وعلّمه حتى يفهم ، خصوصاً في وقتنا الآن ، فكثير من الناس الآن يسألك وقلبه ليس معك . تجيبه بالسؤال ثم يفهمه خطأ ثم يذهب يقول للناس : أفتاني العالم الفلاني بكذا وكذا ، ولهذا ينبغي ألا تطلق الإنسان الذي يسألك حتى تعرف أنه عرف .
( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) نعمة الله عليك حدث بها ، قل الحمد لله ؛ رزقني الله علماً رزقني الله مالاً ، ورزقني الله ولداً وما أشبه ذلك .
والتحدث بنعمة الله نوعان : تحديث باللسان ، وتحديث بالأركان .
تحديث باللسان : كأن تقول : أنعم الله علي ؛ كنت فقيراً فأغناي الله ، كنت جاهلاً فعلمني الله ، وما أشبه ذلك.
والتحديث بالأركان : أن ترى أثر نعمة الله عليك ، فإن كنت غنياً فلا تلبس ثياب الفقراء بل البس ثياباً تليق بك ، وكذلك في المنزل ، وكذلك في المركوب ، في كل شيء دع الناس يعرفون نعمة الله عليك ، فإن هذا من التحديث بنعمة الله عز وجل ، ومن التحديث بنعمة الله عز وجل إذا كنت قد أعطاك الله علماً أن تحدث الناس به تعلم الناس ؛ لأن الناس محتاجون . وفقني الله والمسلمين لما يحب ويرضى .”
ما حكم عدم إعطاء المتسولين في الشوارع المال وغيره بقصد عدم تشجيعهم على ذلك؟
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد رغب في الصدقة، ووعد عليها بالخير الكثير، والثواب الجزيل، فقال: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [المعارج:24-25].
وذم بالمقابل البخل وأهله، فقال: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) [آل عمران:180].
وانطلاقاً من هذه النصوص وغيرها الداعية والمرغبة في الصدقة والإنفاق من جهة، والتي تذم البخل وأهله من جهة أخرى، فلا ينبغي للمسلم أن يرد سائلاً ويبخل عليه، وخصوصاً إذا جهل حاله، أو علم أنه من الذين تحق لهم المسألة، سواء كان التسول في الشارع، أو في غيره.
والله أعلم.
وأسأل الله ألا يحرمني ويحرمكم الأجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“من قال حين يصبح وحين يمسي،
حسبي الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله
تعالى ما أهمّه من أمر الدنيا و الآخرة”
اليتِيم
اليتيم هو الشخص الذي فقد أباه أو أمه أو كليهما قبل أن يبلغ الحلم , وقد أوصانا الإسلام برعاية اليتيم , وقد ذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة .
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأنعام152
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }الإسراء34
{كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ }الفجر17
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ }الضحى9
{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ }الماعون2
{يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ }البلد15
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }الإنسان8
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى }الضحى6
وقد دأبت الشرائع السماوية تحث على رعاية و كفالة اليتيم , فلقد كان الرسول صل الله عليه وسلم من أوائل الذين لمسوا آلام اليتيم وأحزانه فقد ولد و تربى يتيما , ولم ترضى به المرضعات ليتمه ولفقره إلى أن أخذته حليمة السعدية ( فكان السعد والخير لها ) ولذلك كان صل الله عليه وسلم قريبا جدا من اليتامى فهو القائل في حديثه الشريف: [[ أَنَا وَكافِلُ اليَتِيْمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذا ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُما ]].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (أتى النبي صل الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فقال له صل الله عليه وسلم : [[ أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ]]
و مع كل ذلك هناك البعض من الناس لم ينتبهوا إلى كل تلك إشارات الواضحة فأهملوها ولم يعيروها اهتمامهم , فبدلا من احتضانهم ورعايتهم ودفع المضار عنهم ، وجلب المصالح لهم في مالهم , ومراعاة الجانب النفسي لديهم , قسوا عليهم و آذوهم , كذلك المسئول المتغطرس … الذي كان يمر بموكبه في طريق يمر من قرب أهراءة لخزن الحبوب وكانت هناك امرأة أرملة وأبنها الطفل اليتيم يجمعن من على حافة الطريق ما تساقط من حب مختلط بالتراب والحصى الناعم , ويبدوا أن الطفل قد مال على سبيل الطريق وراء حبيبات القمح المتناثرة على أسفلت الطريق فتسبب لسائق سيارة المسؤول أن يكبح اندفاع سيارة المسؤول ليتفادى دهس الطفل , فما كان من المسؤول المتغطرس إلا أن يترجل من سيارته وينهر المرأة و يدفع بالطفل عن الطريق برفسة قوية (بشلوت) و موجها كلامه للأم (أنتو ما تشبعوا؟ كنتم راح تموتونا يا أولاد الكلب!! ) , وعاد إلى سيارته تركا الطفل يبكي من شدة الألم …. لقد نسي هذا المتغطرس قوله تعالى { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } الضحى9و10…. فما كان من المسكينة إلا أن رفعت يديها للسماء و قالت شكوتك لله .
لم يمضي أسبوع على هذا الحادث إلا وينقل هذا المتغطرس إلى المستشفى على عجل ليقطعوا له رجله التي رفس بها اليتيم لأصابتها بالغرغرينا الآكلة!!
أن عقاب الله لشديد …. فهل من معتبر؟.
29 تشرين الأول 2010
مهند الشيخلي … muhannad alsheikhly
أضف تعليق